أدخل وحدي، دون أسلحة فكريّة
أجلس بثبات وحيدة، بين حفنة من الرجال الصامتين، ليتشدّقوا فيما بعد بما يلي

يخبرني الأول أنّ حياته الأفضل لأنه سعيد دون أخوات -ويشكر الله على هذه النعمة- لأنه سيخاف عليهن بلا شك، وقد أراحه الله من هذا الخوف في هذه الحياة.
يخبرني الثاني أن عليّ ألّا أنشر شيئاً عن حملة (أنا أيضاً) لأن الناس سيعتقدون أنني تعرضت للاغتصاب، مما سيسيء لسمعتي التي -على حدّ قوله- تهمّه.
يخبرني الثالت أنه يأسف لعدم امتلاكه أخوات، فالفتيات حنونات ولابدّ من وجودهن كي يتدّبرن أمر الرعاية والامتنان.
يحدّثني الرابع عن وقاحتي، ويقول إنني لن أكسب شيئاً من التطرّف والحدّية والمشاعر التي أملكها في مواضيعي النسوية.
يخبرني الخامس إن التحرّش موجود، لذلك لا داعي للكتابة عن هذه الأمور، حيث إنّ كتاباتي عن تجاربي الشخصية لا قيمة لها، فأنا قد تعرضت لمجرد تحرشات لفظية وجسدية بسيطة، فلا للأمر أهمية.
يشكّك السادس في حياتي الشخصية، ويفترض بنرجسيّته الخاصة أنني أكره كل من في حياتي من الرجال لأنني تعرضت في يوم ما لظلم ساحق من أحدهم.
يسألني السابع بذكاء مصطنع عن اللّواتي كنّ نشطاتٍ في هذا المجال ولم تعدن كذلك، ويخبرني إن الفتيات يتخلّين عن هذا الأمر لأن فيه (وجع راس)، ويحاول إقناعي بالعدول عن قضيتي.
يشجعني الثامن على الحيادية، حيث يعتقد أنه من الأفضل أن أكون لطيفة كي أجذب المتابعين، وكأن همومي في قضيتي هو هذا.
يسخر التاسع مني عندما أتكلّم عن الجيوش النسوية ويُعلمني أنني أتصرف بسذاجة وأستشهد بأناس لا أعرف عنهم شيئاً، فلربما كانوا كاذبين ولربّما أنا أعتقد أنني (شغلة كبيرة)، وأنه في تلك الحالة يجب عليّي أن أستفيق، لأنني لست كذلك.
يأتي العاشر ليتساءل عن فوائد (شقفة بوست) على مواقع التواصل الاجتماعي، وأن ما أقوم به لن ينقذ النساء.

أجلس وأنصت، أنصت لمن لم يجرّب أن يكون فتاة لثانية وحدة، لمن يعتقد أنّ له الحقّ في الإدلاء بدلو الآراء والمواعظ والنصائح غير المفيدة، لمن ينتقد ويحارب بدل أن يدعم بمحبّة…

ولد السيناريو في بيئة خلقت خصيصاً للنص، ولكنّ العبارات حقيقيّة حقيقة أوجاعنا
سمعتها شخصياً، كلها، من رجال…

دوّنته: ربا كل عمر

تصميم: Smart Step

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *