لا لسنا أقوياء عزيزي، نحن السوريّون لسنا أقوياء كما تدّعي !

شخصيّاً أستطيع البكاء كلّ يوم !

أستطيع البكاء على طابور الكازيّة، وعند انقطاع الكهرباء، أو عندما تفرغ جرّة الغاز.

أستطيع الفزع عند سماعي صوت مدفع في رمضان، الألعاب النارية في رأس السنة، أو عند إغلاق باب سيارة ما بقوّة ..

أستطيع العودة في الذاكرة جيّداً عندما أرى اليوم إطاراً يحترق أو كلمةً خُطّت على أحدى الجدران، أو إعلاناً لمعهدٍ لطلاب الثانويّة مرميّاً على رصيف مثل الكثير من منشورات الأمس ..

لم يمتُ فينا ما ندعي أنه قد مات ..

أحببت بعد الحرب وبكيت عند الفراق، أحببت السفر وما أزال، حياتي لم تعد تقتصر على تأمين قوتي اليوميّ، لدي حلمٌ قديمٌ ومازلت أركض في سبيل تحقيقه!

لم أعتد يوماً على ما مررت به ولم أنسَ يا عزيزي..

أتذكر تماماً عندما كنت أرتدي ثيابي وأنا أرتجف لأخرج وأكون جزءاً من درعٍ بشريّ للوصول إلى قتلى إحدى أطراف النزاع وقتئذ، أتذكّر جيّداً صلوات أمي الملتاعة، محاولات والدي لترس الباب بالثلاجة، سيناريو الهروب، أولاد حارتي الذين قُتلوا، وبالتأكيد موت الياسمينة .. موت الياسمينة بعدها !

لسنا أقوياء كما نُشرّب كلّ صباحٍ وكلّ مساء!

ولستُ معلّماً في الصمود، ولا آبه إن رآني ترامب متظاهراً على أبواب إحدى السفارات أم لا.

ولا يعنيني أن أثبت للخارج بأجنداته أنني ” سوريّ واعٍ”.

وبتّ كأداةٍ يستخدمني الجميع كسوريّ لا أعلم إن كنت بطلاً أم ضحيّة ..

نعم، لا أعلم إن كنتُ بطلاً أم ضحيّة..

ولكن يبقى كما قال الدرويش يوماً:

“والتاريخ يسخر من ضحاياه ومن أبطاله، يلقي عليهم نظرةً ويمرّ”

يمرّ يمرّ

يمرّ ونمرّ ..

أنس بدوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *