إحدى السيدات اللطيفات كتبتلي حيال مشاركتي المستمرة لصور فتيات ممتلئات بإنه لازم نكون حذرات لما نشارك هيك صور لكوننا منكون عم نروّج للسمنة، ولّي هيّ عامل خطورة كتير من الأمراض القاتلة. كلامها أشعل بداخلي شرارة التفكير وتوصلت بالنهاية لكوني بمتلك ثلاثة أفكار حيال القضية كاملة حابة شاركها معكن، ولعلّها تعنون تحت:
الربط الجائر بين الشكل والذكاء
بدايةً، من زمن بعيد جدّاً, من الوقت القديم لي كانت فيه السيدات مستبعدات بشكل كلي عن حقول السياسة والاقتصاد والأدب والعمل والفكر والنقاش، ومحبوسات بالمنزل ضمن صيغة الأم أو الحبيبة أو الزوجة وكل الصيغ لي بتطلّب منها شكل جميل ورحم خصب لتنال رضا الرجل، وكان يتم تعليمن إنهن يصبوا تركيزهن على الحفاظ على جمالهن، ويخافوا من إنهن يكونوا قليلات الجمال أو مهملات لشكلهن أو غير مبرزات لأنوثتهن ومستخدمات لإغرائهن، أي باختصار يعتبروه سلاحهن الأهم، وطبعاً ليتم تبرير هذا الاستبعاد من قبل المجتمع الذكوري تم وسم السيدات بالغباء، وعدم القدرة على النجاح، و تم ربط الشكل بالتفكير ولي هوّ شيء غبي جداً، يعني متل لما حدا يسألك ليش هالعصفور غير قادر على الطيران فإنت ببساطة تقله لإنه لونه أحمر ويتم اعتبار هالجواب منطقي. ولكن كان دائماً يتم التذرّع بإنّه السيدات لي بيهتموا بشكلهن بشكل مبالغ فيه ما بكونوا متفرغات لعقولهن وتنمية ذاتهن، وهكذا توارث المجتمع لي مازال مصر على ذكوريته وتنميطه بحق السيدات، هالمفاهيم، من جيل لآخر، وعلى الرغم من تواجد الستات بكل المجالات وإثباتهن، بمجرد إنه قدروا ينتزعوا من الحياة فرصة حقيقية، قدرتهن العالية على النجاح، فما زال هناك اعتبار للست لي بتهتم بشكلها بإنها فارغة العقل وفي تقليل من قدرتها على التفكير والفهم، وكل هالحكي هو مقدمة للي جاية بعدين.
الهوس بالشكل على حساب المضمون
متلكن سألت، إن في سيدات قرروا فعلاً يهتموا بالشكل على حساب المضمون، إن في سيدات قرروا يهتموا بأشكالهن بشكل مبالغ فيه، وفقا لتعريف المجتمع، إن في سيدات بيحبوا المكياج الصارخ أو وضع مكياج كامل للتجول بأي مكان بالعالم، فهل هادا شيء المفروض يعيبن؟! والجواب.. مطلقاً لاء، ولكن شخصياً، بنسب للفقرة السابقة هالربط الساذج من ناحية كبيرة جدا وبأكّد دائماً احترامي التام لخيارات كل سيدة بحياتها، بشكلها وبجسمها وبكلشي. ولكن في جانب آخر بدّي أتحدث عنه، مع توجّه العالم بشكل غير منطقي للشكل المثالي وممارسته الضغط الدائم على السيدات ليكونوا بقمة الجمال، تحوّلت فكرة الجمال لهوسنا بإنه نكون دائماً أجمل، وبهالطريق في دائماً منطقة كارثية بيلاقي حاله الفرد فيها لما بيكون بدون خط دفاع داخلي، يلّي هو تقبل الذات، تقول: “دائماً هناك الأجمل! وبالتالي رحلة غير متناهية من حصار الذات وقيمة الذات بقوالب مرهقة”
الرحلة المرهقة من الحرب لتقبل الذات
هلق أكيد كل سيدة من حقها تغير بحالها كما تشاء، ومن كل تغيير دليل على هوس، ولكن وانطلاقاً فقط من فكرة التصالح مع أنفسنا، والسلام لي منكسبه والراحة من هاد التصالح وضرورتها، أنا مثلاً حدا طوال حياته بدين وعنده BMI>30 وبالتالي علمياً بدينة. هالصفة كانت دائماً تشعرني إني أقل من المحيطين فيي، إني حدا ناقص وغير مؤهل ولا بيستحق الحب أو التقبل أو السعادة، وبالتالي دائماً كان في عندي شعور اني غير كافية وإني لازم أنحف وعطول كانت الرياضة والريجيمات هروب من شكل جسمي لتحولت لهوس وخوف. وللأسف النتيجة عطول كانت بطيئة لمقاومة جسمي للنحف، فكنت بالنهاية قدام خيارين إما ضل عم أتعامل مع حالي بهالطريقة الوحشية أو أبدأ برحلة تقبل الذات المرهقة جداً ولكن التي تستحق جداً.. لماذا؟
لإنه خيار النحف أو السمن، ولا للحظة كان المشكلة بل كانت المشكلة الحقيقية بعلاقتي مع ذاتي ونظرتي لذاتي، واللي كانت مرتبطة قديش بقدر أنحف ليصير إلي قيمة، ولي برأيي شيء كارثي بيحوّل الفرد لمهووس بإنه يكون شكله مثالي، و الكارثة الأكبر لما بيصير جزء من آلية الضغط عالبقية ومصر غير متقبلين لشكل الأفراد الطبيعي..
لذلك من وجهة نظري الجنوح نحو التغيير دون القدرة على تقبل الذات والتصالح مع فكرة مانحن عليه وفصل القيمة عن الشكل، هيّ شيء مؤذي. مرات كتيرة متلي متل كل الصبايا لي خبروني إنهن بيتمنوا لو إنهن أكثر نحافة ليرتاحوا من تنمر المجتمع المستمر، كنت معتقدة خسارة كم كيلو حل، ولكن لما وجدت الفتيات النحيلات جداً ما زال عندهن خوف كبير من زيادة الوزن، والفتيات الجميلات عندهن عدم تقبل لأشكالهن بدون ميك أب، قدرت إفهم قديش ضغط المجتمع كبير وفوضوي وجنوني.
هلق بالأخير، علاقة كل ما سبق بالمقدمة هوّ، برأيي وجود صبايا بأشكال مغايرة بعيداً عن النمط المعتاد لي منشوفه بالتلفزيون والسينما والمسلسلات والإعلانات وبخيالات الكتاب والكاتبات ومفهومن للجمال ومفهوم الشارع والمجتمع والتوجه الرأسمالي ككل للجمال، ضمن أوزان عالية بطريقة سيكسي وبنمط تياب أنيق وبابتسامات حقيقية وضمن علاقات مريحة هو مو ترويج للسمنة، وإنما دعوة لحب الذات والتصالح معها، ونوع من تعليمنا نحن الفتيات المغايرات لرغبة المقاييس العالمية بإنّه في شكل آخر جميل، وخلينا نحب حالنا ونتقبلها..
بالأخير نعم السمنة عامل خطورة للسكري والضغط وأمراض القلب الإقفارية، ولكن تقبل الذات وحبها خطوة جدا أساسية للتغيير ..
دمتنّ
دوّنته: نتالي إبراهيم
تصميم : Smart Step