لوم الضحيّة “كان لازم”

“طب شو كنتِ لابسة؟
الله يصلحك ضروري ترجعي المسا؟ كان المفروض ترجعي على ضو
عنجد معقول ما فهمتِ تلميحاته؟ يعني مبينة!”

لعلّها جملٌ واضحة بسيطة، تخرج من أفواهنا بنيّة التأنيب أو التوعية، لكنها تترك ندوباً عميقة في نفس من تعرّضت لموقف مريع، سواء أكان تحرّشاً أو اغتصاباً أو تعنيفاً. إذ لا توجد فتاة لم تُؤنَّب يوماً بشكل أو بآخر على تصرفاتها أثناء تعرّضها لإساءةٍ من شخص آخر من المفترض أن يكون هو المُلام، لا هي.

برأي بعضهم، فإنّ ردود الفعل تلك تحدث بهدف تقديم النصح والتحذير ولفت الانتباه لما يمكن فعله في المرات القادمة. وعلى الرّغم من أهمّية هذا الموضوع، فإن مَن تعرّضت لموقف سيّء وقررت الحديث عنه مع شخص قريب، تنتظر الدعم والمساندة أكثر من التأنيب والتخطيط للحالات القادمة. ومن وجهة نظر أخرى يرى بعضهم أنه من الخطأ أصلاً التحدّث عن مفهوم كهذا لأنه يعزز فكرة أن الفتاة ضحية، وأنها فريسة سهلة في المجتمعات، وهو ما يتعارض – برأيهم – مع فكرة المساواة والقوة التي يجب أن تتحلى بها الإناث.
وكمناقشة لهؤلاء نقول:
ألا يجب علينا أن نقدّم الدعم والمساعدة لمن تتعرّض لمواقف مشابهة كي تكون أقوى في المرات القادمة (لأننا – ومع الأسف – لا نستطيع أن نضمن أن تكون المرّة الأخيرة)؟ وهل يجعلُ تعرّضُ الفتاة لمواقف ذكوريّة، والحديث عنها ضعفاً وتهميشاً لشخصيّتها؟ أم أنّ التهميش الحقيقي هو تقييد الفتاة وجعلها تفكر ألف مرة قبل البوح بما تعرّضت له بسبب خوفها مما قد تسمع ممن حولها؟!

تذكري أنك تستطيعين وفي كل الأوقات رفض اللوم الذي من الممكن أن تتعرّضي له، كما أنك تستطيعين البوح لمن حولك بصدق أنّكِ لست مرتاحة في خوض حديثٍ عن “ليش صار هيك؟” أو “شو كان لازم تعملي/ما تعملي” أو “المرّة الجاية اعملي هيك”. أما نحن، سيكون علينا التأكّد في حال معرفتنا بما تعرّضت له الضحية أن نكون إلى جانبها؛ أن نسألها عما يمكننا فعله، أن نستمع إليها، وأن نخبرها بأن تجربتها ومشاعرها ومخاوفها منطقية وطبيعية وغير قابلة للتّشكيك.

والأهم من كلّ هذا:
إن أي اعتداء بأي شكل وتجاه أي إنسان هو حتماً خطأ مَن – وفقط مَن – قام بالأذية، وهو ما يجب علينا جميعاً تذكّره كي نعرف في المرات القادمة في وجه من نقف، وعلى من نلقي اللوم والتقريع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back To Top