لا أزال أذكر وجه صديقتي ليال (اسم مستعار) حين وجدت عند نهاية الدوام بقعة من الدماء على مقعد المدرسة الذي كانت تجلس عليه. نظراتٌ من الخجل و الارتباك اعترت وجها وهي تحاول معرفة ما يمكن فعله لتغطية هذه “الفضيحة”. كنوع من التأخي النسوي الموجود في أغلب مجموعات الفتيات السوريات، حاولت ديما (اسم مستعار) تدارك الوضع عن طريق تقديم معطفها لليال لتستطيع لفّه حول وسطها لمحاولة إخفاء بقع الدماء التي تسللت إلى بنطالها. يا للمصيبة! الأفضل أن ننتظر حتى يخرج جميع الطلاب من الصف قبل أن نتعامل مع المشكلة.
تعود هذه المشكلة التي واجهات ليال لعدة أسباب سأقوم بذكرها. أذكر أن هذه الحادثة وقعت يوم الأحد في نهاية الحصة السابعة (والتي هي الأخيرة) في تمام الساعة الثانية. يتضمن واقع الفتيات السوريات المرير الحاجة لقضاء نهار طويل في المدرسة يبدأ في الساعة السابعة و قد يستمر للساعة الثانية، من دون قدرتهن على تبديل الفوطة الصحية. من المعروف أنه من الاستحالة على هذه الفوطة الصحية ذات النوعية الرديئة أن تصمد لمدة سبع ساعات من دون تبديل، خاصة في سروال مراهقة تعاني من تدفق دم غزير مرتبط بتغيرات هرمونية شديدة خلال الدورة الشهرية.
قذارة واكتظاظ الحمامات المدرسية السورية تحول دون مقدرة الفتيات على استخدام هذه الحمامات لتبديل الفوط الصحية أثناء الدوام. في حال وجود حمام مقبول نسبياً، تتكلل رحلة الفتاة إلى الحمام بالكثير من المواقف المحرجة والتي قد تصل إلى أن تكون مهينة، بدءاً من أستاذ يرفض السماح للفتاة بالذهاب إلى الحمام رغم التلميحات الخجولة الكثيرة، وصولاً إلى محاولة إخفاء الفوطة الصحية (في حال توفرها) في أحد الجيوب أو كفوف الأيدي.
لا يزال المجتمع السوري ينظر للعادة الشهرية على أنها عيب يجب إخفاؤه والإشارة إليه بتلميحات متعارف عليها ‘كمريضة’ و ‘زايرتها’، كما أن غياب الوعي و التثقيف بصحة النساء الانجابية و الجنسية في المدارس يحول مع استمرار تصوير الدورة الشهرية كتابو لا يجب ذكره.
في داخل كل صف سوري و لدى كل امرأة سورية العديد من قصص الدورة التي توصف بأنها محرجة. المولد الرئيسي لهذه القصص هو انعدام الخدمات التي تجعل تجربة الحيض لدى الفتيات السوريات في المدارس، تجربة صحية و طبيعية.
دوّنته: لور نادر
تصميم: smart step